روايه جديده
البالغة من العمر الثانية والعشرون عاما انقبض قلب تسنيم حينما توقف القطار فهبطت واتجهت لمنزلها ومع كل خطوة تخطوها يرتحف قلبها خوفا من رؤياه وحينما وصلت للمنزل حمدت الله كثيرا حينما اخبرتها زوجة خالها بأنه بالخارج وسيعود بعد قليل فاستأذنت من والدتها بالذهاب لوالدها لتساعده بعمل الحقول بعدما علمت بأنه ذهب منذ ساعة ولم يعد أبدلت ثيابها لجلباب رجالي أسود ثم احكمت الشال الابيض لتخفي ملامحها واتجهت سريعا للحقول لا تعلم بأن من منحها تفكير معاكس عن طبيعة الرجال ستلقاه الآن وربما يكون المسكن لذاك الۏجع الغائر!.
انتهى آسر من تبديل ثيابه ثم أغلق الخزانة ليصفف شعره بعناية انتبه لانعكاس صورة والدته بالمرآة فاستدار وهو يردد بابتسامة مشرقة
_ست الكل اللي وحشاني.
وضعت راوية القدح الذي يحمل البخور على الكومود ومن ثم اقتربت منه لتخبره بضيق مصطنع
_ست الكل أيه بقا انت من ساعة ما جيت وأنت مقضيها بالاسطبل ودلوقتي غيرت هدومك ونازل مفيش وقت ليا أصلا..
على كف يدها وهو يردد بمكر
_أنا لو علسا والله ما عايز اتنقل من جنبك بس هعمل أيه جوزك اللي ساعة ما بيشوف خلقتي بيمشورني هنا وهناك وعلى يدك أهو ملحقتش اريح شوية باعتني الغيط اتطمن الامور ماشية ازاي..
نجح بتبديل ضيقها لعطف وتودد حينما قالت بحنو
قلبي هو برضه مش بيثق في حد غير فيك وبعدين أنت ابنه الوحيد هيعتمد على مين غيرك
ابتسم وهو يحتضنها
_وانا متقبل ده وأخدمه بعيوني بس لازم ست الكل تديني عذر ولا أيه
تعالت ضحكات راوية لتحتضنه وهي تردد بعدم استيعاب
_انت مكار وخبيث..
أجابها بغمزة من عينيه الساحرة
_بس بحبك ولا أيه..
سلطت الاعين على من يقف أمام باب الغرفة يشير لهما بعصاه الانبوسية بضيق شديد ابتعد آسر عنها وهو يهمس بخبث
_نسيت أن الحاج بيغير فكريني او حذريني أقفل الباب مثلا!
تعالت ضحكات راوية حتى أحمر وجهها فنهضت عن المقعد ثم اقتربت من فهد قائلة بحنق
تجاهل حديثها ثم لكز بعصاه صدر آسر ليخبره بغيظ
_هم بقولك روح شوف حالنا.
كبت ضحكاته بصعوبة ورفع يديه يخبره
_تحت أمرك يا كبيرنا... اعتبرني مشيت..
وتخطاه ليهبط على الدرج الضخم الذي يتوسط الثرايا فلحقت به راوية لتناديه ومن ثم حذرته بتذكر تعليماتها
تطلع لقميصه ومن ثم رفع صوته لتستمع له
_متقلقيش حفظت القواعد الابيض أحطه في عنيا من جوه عشان غسيله بيهري القلب من بره.
تعالت ضحكاتها حينما قلد لهجتها فاستدارت لتغادر فوجدت فهد يقف من أمامها بنظرات لا توحي بالخير اقتربت منه وتفحصت الطريق قبل ان عدل من جلبابه الكحلي ومن ثم ارتفعت يدها لعمته البيضاء فعدلتها وأنحنت بجسدها تحتضنه وهي تردد بهمس
_انت اللي في القلب والروح.
ابتسم فهد وضمھا اليه ليجيبها بصوت منخفض
_واثق من ده بس برضه متزديش في محبتك لابنك وبنتك اعدلي بينا اتفقنا
ازدادت ضحكاتها وهي تجيبه بصعوبة بالحديث
_نفسي حد من الصعيد يسمع كبيرهم ويشوفوه وهو غيرن من ولاده!
وتركته وهبطت للاسفل لتشير له
_هنزل أشوف ورانا أيه أحسن ما الحاجة هنية تعلقني جنب نادين.
التصقت بها نظراته وكأنها تحرس عشقه الوفي الذي طال لسنوات ومازال يستمر حتى أن تودعه الروح وتفارق جسده فاكمل طريقه هو الاخر للمندارة الخارجية.
تلقتحور عناية طبية فتم تضميد چرح قدميها ويدها فوضع الطبيب المحاليل الطبية بذراعها السليم ثم أخبر عبد الرحمن وأحمدبأنها ستتمكن من المغادرة فور انتهاء المحلول فولج أحمد للداخل ثم جلس على المقعد القريب منها وقال باهتمام
_طمنيني يا حور عاملة أيه دلوقتي
ابتسمت وهي تجيبه بامتنان
_الحمد لله الۏجع خف بالمرهم اللي الدكتور حطه.
اومأ برأسه وهو يردد برضا
_الحمد لله.
سألته بانزعاج
_هنمشي أمته بقا بقالنا هنا ساعتين.
قال بهدوء
_لما المحلول يخلص هنمشي متقلقيش.
هزت رأسها ومن ثم تعلقت أعينها بباب الغرفة الذي فتحه عبد الرحمن فولج الاخير ليخبرها بابتسامة مرحة
_أيه يا حور حسدناكي ولا أيه
ابتسمت وهي تخبره
_حد بيهرب من اللي مكتوبله يا عبد الرحمن الحمد لله على كل شيء.
_الحمد لله المهم انك تاخدي بالك من نفسك بعد كده.. أنا هنزل أجيب عصير وأجي.
وتركهما وغادر فشعرأحمد بانزعاج حور من حجابها لم يفهم ببدء الأمر ما يزعجها فانتبه بأنها تحاول اخفاء خصلات شعرها الظاهرة من أسفل حجابها الغير منظم فتحاول بيدها الملفوفة بالشاش ان تخفيه واليد الاخرى المحلول مدثوث بعروقها انتقلت نظراتها للحائل الزجاجي فوجدت الطبيب على وشك الدلوف كسر احمد حاجز صمته ونهض ليقترب منها ومن ثم أخفى خصلات شعرها الحريري الذي استطاع أن يلامسه بيديه فاخفاه خلف الحجاب وهو يردد
_خليني أساعدك.
انتهى مما يفعله وعينيه هائمة بعينيها فلعق شفتيه وهو يتراجع لمقعده بارتباك حتى هي خفق قلبها بسرعة جعلتها تستشعر بأنها ركضت لالف ميل دون أن تلتقط انفاسها انتبهت لحالتها الغريبة حينما قال الطبيب.
_المحلول خلص تقدروا تروحوا بس الاهم انها تواظب على العلاج والمرهم اللي كتبتوا.
صافحه احمد وهو يخبرها بابتسامة عملية
_الف شكر يا دكتور.
ومن ثم قدم يديه لها ثم قال
_يلا يا حور.
وزعت نظراتها بينه وبين يديه ومن ثم قدمتله يدها بحرج شديد فهي غير قادرة على الإتكاء على قدميها بالفعل هي بحاجة للمساعدة هبطت عن الفراش ببطء فحينما استندت على قدميها صړخت ألم فرفعها أحمد سريعا عن الأرض ثم قال
_الدكتور قالك متحمليش عليها.
وجدها تقرب يدها السليمة من رقبته بارتباك وكأنها لا تريد وضعها فتحرك بها ليجدها تلف يدها حول رقبته هبط بها للاسفل وعينيه لا ترى سواها وحينما وصل للاسفل لم بجد السيارة باستقباله كما كان متوقع فردد بضيق
_راح فين ده
ثم قال
_ حور موبيلي في جيب الجاكت حاولي تسحبيه.
احمر وجهها خجلا وهي تقرب يدها من جيب جاكيته فجذبته ومن ثم رفعته له فاخبرها الرقم السري لتفتحه اندهشت معالمها حينما رأته يضع صورة تجمعه بروجينا منذ الصغر لا تعلم لما شعرت
بالحزن بتلك اللحظة ولكنها تناست عمدا ما رأته واجرت اتصالا بعبد الرحمن كما طلب منها فخرج من المشفى ليحضر السيارة ولذاك الوقت أبى أحمد أن يتركها تقف على الارض لحينما يأتي عبد الرحمن بل ظل يحملها حتى وضعها بالسيارة وعاد بها للمنزل.
وقف يحيى يتابعها بضحكة أنارت وجهه المنطفئ وهي تتأرجح على ذاك الحصان الذي يدور يسارا ويمينا وتتناول غزل البنات الذي تحمله بين يدها ابتسامته تتسع أكثر فأكثر كلما ضحكت هي وفجأة انكمشت ملامحه حينما وجدها تضع يدها على رأسها وكأنها ستفقد وعيها فأسرع اليها ليساعدها على الهبوط من الارجيحة وهو يتساءل پخوف
_مالك يا حبيبتي
كادت ماسة بأن تجيبه ولكن التقيأ اوقفها عن الحديث افرغت ما بجوفها ومازال يحيى يتمسك بها لينبع بداخله خوفا لا مثيل له من الشكوك التي هاجمته بتلك اللحظة حيال أمر حملها!!
مر بسيارته على حقل العم فضل فرقصت ملامح وجهه فرحا حينما رآها حتى وإن كانت تتنكر بما ترتديه يعرفها قلبه جيدا ركن آسرسيارته على قرب منهما ومن ثم هبط فقال وعينيه تتابع من تحاول قطف الحشائش من الأرض
_أزيك يا عم فضل عامل أيه
انتبه العجوز اليه فقال بفرحة
_بشمنهدس آسر.. منور البلد كلتها.
ابتسم وهو يجيبه
_منورة بأهلها يا راجل يا طيب طمني رجلك بقت كويسة ولا أيه
قال بحمد
_أهو أحسن من الاول الحمد لله..
_تستاهل الحمد.
واستدار برأسه تجاهها ثم قال بثبات
_ازيك يا ريس
تهجمت معالمها وإن كانت سرت باحتفاظه بسرها أمام والدها فأشارت برأسها فأقترب آسر منها ثم جذب منها السيف الغليظ الذي يستعمله الفلاح لجني الحشائش ثم قال وهو يشير لها بعينيه
_عنك يا ريس..
رفع عم فضل صوته البعيد عنهما
_ميصحش يا بشمهندس ده أحنا اللي نخدمك برموش عنينا..
أشمر عن ساعديه وانحنى يجني الحشائش وهو يجيبه
_عيب يا عم فضل انا مش ابنك ولا أيه
لم يجد العم فضل الكلمات المناسبة التي قد تشكره على كرمه السخي عمل آسر بنشاط وكانت تسنيم تحاول مساعدته بأن تجمع ما يجنيه وتضعه على العربة فانحنى للخلف ليراقب العم قبل ان يهمس لها
_هو عم فضل ميعرفش انك بتشتغلي معايا ولا ايه
اجابته وهي تراقب والدها هي الاخرى
_لا بابا ميعرفش اني بشتغل أرجوك يا بشمهندس آسر متقولوش حاجة..
رفع حاجبه وهو يردد بذهول
_أقول أيه بس هو أنا أعرفك يا ريس!
ابتسمت تسنيم وهي توزع نظراتها بينه وبين والدها فغمز لها آسر وهو يستكمل عمله انتهى من
عمله
سريعا ليضع أخر حزمة من الحشائش على العربة فاقتربت منه بالحزمة التي تحملها فالتقطتها آسر منها تعجب للغاية حينما شعر برجفة جسدها وقتما تلامست يديه بيدها دون قصد منه ولكنه لم يشغل تفكيره فوضع الحزمة من يديه على العربة فوجدها تهمس له بحذر
_مش عارفة أشكرك ازاي بجد تعبتك معايا.
تفحص بنظراته عم فضل المشغول بتجهيز الفرس ثم همس لها
_لا ده دين وهترديه.
جحظت عينيها في ذهول فاسترسل موضحا وهو يشير على قميصه
_القميص اتوسخ ولو الحاجة شافتني هتقتلني وتقتل عم فضل الراجل الطيب ده وطبعا ده ميخلصكيش فكده كده انتي هتيجي بالملفات العصر هخبي القميص وتعيدي تجدديه قبل ما الحاجة تشم خبر موافقة يا بنت الحلال
كبتت ضحكاتها بصعوبة خشية من أن يستمع والدها لها ثم قالت بصعوبة
_لا ميخلصنيش... حاضر.
منحها ابتسامة صافية قبل ان يشير لعم فضل بيديه قائلا
_لو عوزت حاجة ابقى كلمني يا عم
فضل..
قال بوجها بشوش
_منحرمش منك يا ابني.
والټفت تجاهها ثم غمز نفس غمزته المعتادة وهو يقول
_مش عايز حاجة يا ريس..
كبتت ضحكاتها وهي تشير له بالنفي فغادر لسيارته ثم صعد للمقعد ليتحرك بسيارته وعينيه متعلقة بالمرآة التي تختم صورتها من خلفه وكلما تقدم بالسيارة استودع انعكاسها الذي يتباعد رويدا رويدا حتى اختفى وكان لإختفائه ألم موجع لقلبه ومشاعره!
.......... يتبع..........
صراع_السلطة_والكبرياء....
بقلمي_ملكة_الإبداع..
آية_محمد_رفعت.
الدهاشنة..صراع_السلطة_والكبرياء..
الفصل_الثاني_عشر..
إهداء الفصل للقارئة الجميلة ميادة مطاوع كل سنة وأنتي طيبة يا جميلة ويارب سنين كتيرة أنتي قريبة فيهم للرحمن ....
عادت لمنزلها هائمة بهذا الآسر الذي استولى على عصابة تفكيرها وتربع بداخل قلبها فتارة ترتسم على شفتيها ابتسامة تداعبها بخلسة وتارة أخرى تنفض تفكيرها وتحاول الهاء عينيها بتأمل الخضرة مبدعة الجمال المنثورة على الجانبين أثناء تحرك العربة بين الحقول والمزارع بطريق عودتها للمنزل وليتها تمكنت من السيطرة فمازالت كلماته المرحة تضحكها بين الحين والآخر حتى أصبحت تتساءل عن كناية شخصيته الغامضة بالنسبة إليها!.
هل هو هذا الشخص الحازم المتفاني في عمله... أم هو ذاك الشخص الذي يمتلك قلب أبيض وروح من ذهب تتبع تلك الإبتسامة التي لا تفارقه أينما كان.. بالطبع هو مختلف كليا عما قد تظن به أنها تعلمه..
أفاقت تسنيم