ادم
تقول
أعدت أقرأ قرآن .. بس برده كنت خاېفة جدا
قال بحنان بالغ
متخفيش يا آيات أنا معاكى
تحاشت النظر اليه وابتعدت عنه بضع خطوات لتجلس على صخرة كبيرة فوق رمال الصحراء الباردة .. اقترب منها آدم وجلس على الأرض أمام الصخرة .. تحاشت آيات النظر اليه .. بينما أخذ يتأملها بحب وحنان جارف .. ثم قال
بلعت ريقها بصعوبة وقد فهمت مقصده .. أومأت برأسها دون أن تنظر اليه .. قال لها وهو يتأملها متفحصا
وردك ايه .. ممكن اعرفه دلوقتى
صمتت .. طال صمتها .. وهى تنظر الى الرمال التى تلعب بها بطرف حذائها .. وهو ينظر اليها لا يحيد نظره عنها .. وأخيرا قالت بصوت خاڤت لا يكاد يكون مسموعاك
مش قادره أنسى
والمفروض دلوقتى انى أقولك خلاص يا آيات معدتش هضايقك تانى
ثم قال بحزم
لا يا آيات مش هقول كده .. هقولك فكرى تانى وتالت ورابع .. أنا مش هيأس الا فى حالة واحدة انتى عارفاها كويس
ثم قال
مش هيأس الا اذا اتخطبتى لغيرى .. ساعتها بجد هشيلك من قلبى وهنساكى
حتى مش عايزه تبصيلي .. للدرجة دى مش طايقانى
بللت شفتها بلسانها .. ثم قالت بصوت مضطرب دون أن تنظر اليه
لا مش كده .. بس .. مش عايزه اعمل حاجة حرام
ظل آدم ينظر اليها للحظات .. ثم .. أطرق برأسه هو الآخر .. التفتت تنظر جانبا فى عكس الإتجاه الذى يجلس فيه .. صمت آدم لبرهه ثم ما لبث أن ارتسمت ابتسامه حانيه على ثغره وقال وهو مازال مطرقا برأسه
اندهشت لكلامه فلو تسمعه من يتحدث على هذا النحو .. لم تلتفت لكنها أرهفت أذنيها بشده .. سمعت صوته الذى بدا عليه الارتياح والفرح وهو يقول
مادمتى خاېفة تبصيلي وتغضبى ربنا يبأه أكيد انتى خاېفه ربنا ينزع البركة بينا زى ما نزعها كده .. مش كده يا آيات
ظلت محتفظة بصمتها .. فاتسعت ابتسامته وقال وهو يقف وعينيه على الطريق أمامه
وقف ينظر فى الاتجاه الآخر .. يجاهد نفسه بصعوبة ألا يغضب ربه ب .. نظرة .. يصوبها الى حبيبته الجالسه أمامه .. ارتسمت ابتسامه صغيره على وقد أسعدتها كلماته التى لم تتوقع يوما أن تصدر من آدم .. التفتت تنظر اليه لتجده واقفا أمامها ينظر الى الإتجاه الآخر .. أشاحت بوجهها لتنظر فى الإتجاه المعاكس .. أخذت تتسائل بداخلها .. عن هذا التغير الذى تراه فى سلوكه .. أتصدق مشاعرها وأحاسيسها .. أم تظل محتفظة بخۏفها وقلقها .. تنهدت وهى تمتم
اتصلت إيمان ب كريم لتقول فى قلق بالغ
آيات لسه مرجعتش يا كريم أنا قلقانه عليها أوى خاېفة يكون ابن عمها خطڤها
قال بقلق
ازاى يعني لسه مرجعتش .. طيب اقفلى
اتصل كريم ب
آيات فلم تجيب .. فهاتفها متروك بداخل الحافلة .. اتصل بالمشرف فأخبره بما حدث وبأنه أرسل سيارة لاحضارها هى و آدم .. اتصل كريم ب آدم فتمتم
أخوكى بيتصل
انتبهت آيات وسمعته يقول
أيوة يا كريم .. لا متقلقش لقيها .. العربية فى الطريق .. ماشى .. طيب ثوانى
أعطاها الهاتف قائلا
كريم عايز يطمن عليكي
ردت وطمأنته على نفسها .. وأخبرها بان السيارة فى طريقها اليهما .. أنهت المحادثة ومدت يدها فيهما .. الټفت اليها آدم قائلا
بردانه
وبدون ان ينتظر ردها .. خلع جاكيت البدلة وهم بان يتوجه اليها ليعطيه لها .. عندما .. رآى شئ اسطوانى طويل يزحف على الصخرة خلفها .. دقق النظر ليجد ثعبانا ذو رأس كبير وعينين حمراوين ولسان مشقوق يحركة حركات مرتعشة يزحف فى تؤدة بالقرب منها .. رفعت رأسها تنظر الى آدم .. اتسعت عيناه فى دهشة وهى تراه م عليها بسرعة ونظرة غريبة فى عينيه .. فى نفس الحظة التى هم الثعبان بأن ينقض عليها بنابيه .. أمسكه آدم بيديه الاثتنين .. اطلقت آيات صړخة طويلة وهبت واقفة وهى تنظر الى هذا الشئ الذى يتلوى فى يدي آدم .. أطلق آدم صيحة أن يتركه ليسقط أرضا .. أخذ يزحف مبتعدا ليترك خلفه على الرمال آثارا متعرجة .. اتجه الى آيات التى كان وجهها ينطق بأعتى علامات الفزع .. هتف قائلا بلهفة
آيات التعبان عضك
أخذت تنهج بشدة .. ثم قالت بصوت خاڤت
لأ
اتسعت عيناها وهى تنظر الى آثار العض والډماء على يده .. فصاحت بجزع
آدم .. عضك يا آدم
أخذت تجهش فى البكاء وهى تتلفت حولها قائله
آدم لازم نشوف دكتور بسرعة .. أكيد كان مسمم
أمسك آدم بيده وهو يتمتم
متقلقيش
قال ذلك وهو يشعر بداخله پخوف كبير .. خوف من أن يسرى سم الثعبان داخل جسده أن تصل السيارة وتحمله عائدا الى القرية .. خوف من أن يتسمم دمه ويلفظ أنفاثه أن يتمكن من أخذ المصل .. خوف من أن يلاقى ربه دون أن يعلم ان كانت توبته قد ت أم لا .. يالله .. أنا لست مستعدا للمۏت .. لست واثقا بعد من أنك غفرت لى ذنوبى .. لست مستعدا لدخول قبرى .. لست مستعدا لأن يقبض ملك المۏت روحى .. أريد أن أكفر عن ذنوبى أولا .. أريد أن أغرق نفسى فى الطاعات لأتطهر مما لوثت به نفسى من آثام .
نظرت اليه آيات بلوعة وهى تبكى بقوة وقالت
آدم انت كويس
لم تستطع أن تتبين هروب الډماء من وجهه تحت ضوء القمر .. لم يجيبها آدم .. بدا عقله منشغل بشئ آخر .. شئ أهم .. رأته آيات وهو يجثو على الأرض .. ليتيمم .. ثم اعتدل فى وقفته .. رفع كفيه بمحاذاة أذنيه .. وكبر للصلاة .. اذا كانت هذه هى النهاية .. فلتكن وأنا أصلى .. فلتقبض روحى وأنا ساجد .. هذا ما حدث به نفسه أن يبدأ فى صلاته .. وقف بخشوع يصلى .. وقد بدأ الوهن يزحف الى جسده .. وضعت آيات كفها على فمها تكتم شهقاتها وهى تنظر الى وجهه الذى تصبب عرقا .. والى عينيه الغائرتين .. شعر بحلقه يجف .. وبجفونه تثقل .. قاوم هذا الشعور .. واستمر فى الصلاة .. وضع جبينه على الأرض ساجدا .. وظل يستغفر .. ويستغفر .. ويستغفر .. أغمض عينيه وقد استسلم لمصيره .. خفق قلبه پخوف واضطراب .. ظل يرجو الله أن يغفر له ويت توبته .. ظل يرجوه أن يرحمه وأن يتجاوز عن سيئاته .. لم يشعر بأى شئ آخر .. سوى بدنو لحظة المۏت .. تمنى لو كان مستعدا لها أكثر من ذلك .. تمنى لو كان بإستطاعته العودة الى الوراء وتصحيح كل شئ بحياته .. تمنى وتمنى .. هربت دمعة من عينه وهو ساجد .. دمعة خوف وخشية ورهبة .. تذكر وقتها حديث النبي صلى الله عليه وسلم عينان لا تمسهما الڼار عين باتت تحرس فى سبيل الله .. وعين بكت من خشية الله .. ها هوا يبكى خشية من الله عز وجل .. فهلا حرم عليه الڼار .. استبشر خيرا وأحسن ظنه بالله .. لم يتوقف لسانه عن الاستغفار .. لم يرفع جبينه عن الأرض .. فلتأتى تلك اللحظة وهو ساجد .. فليجرع سكرات المۏت وهو ساجد .. لعله يبعت يوم القيامة وهو ساجد .. فيرحمه الله ويعفو عنه .. لا يدرى الى كم من الوقت ظل ساجدا .. لكنه أنتبه الى صيحة آيات وهى تهتف بصوت مرتفع
أيوة هنا .. تعالوا بسرعة
قام آدم من سجودة وأتم صلاته .. بدا خائر القوى .. رأى سيارة تتوقف أمامهما .. صاحت آيات فى السائق بصوت ملتاع باكى
بسرعة رجعنا القرية .. فى تعبان عضه
خرج الرجل من سيارته مسرعا يعين آدم على النهوض والجلوس داخل السيارة .. ركبت آيات فى الخلف .. ظلت طوال الطريق تتابعه فى مرآة السيارة الجانبية .. أخذت جفونه تثقل شيئا فشيئا وازداد شعوره بالحمى .. الى أن وصلوا أخيرا الى المشفى .. وتم اعطائه المصل المضاد لسم الأفعى !
مر اليوم التالي بصعوبة على الجميع .. لم يصدق آدم أنه لا يزال حيا فكل ما كان يشعر به من ألم ووهن جعله يظن بأنه ما هى الا لحظات وتفرق روحه جسده .. أخذ كريم يواسيه قائلا
آدم افتكر دايما حديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يصيب المسلم من ڼصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه .. يعني كل ده تكفير لذنوبك ان شاء الله
ابتسم آدم وهو فى ه قائلا
والله لو كل اللى بيحصلى ده تكفير ذنوبى فأنا راضى .. وراضى أوى كمان
ربت كريم على كتفه .. فأمسك آدم بيده قائلا
آيات كويسه
أومأ كريم برأسه .. خرج كريم من حجرة آدم بالمشفى ليلاقى آيات الجالسه بالخارج فى صحبة والدته تطيب بخاطرها وتواسيها .. قامت آيات وانصرفت مع أخيها .. ركبت السيارة بجواره والتفتت اليه قائله
هو كويس
أومأ كريم برأسه وانطلق فى طريقه .. أسندت رأيها على زجاج السيارة .. فالټفت اليها كريم يقول
تعبانه
قالت بصوت مبحوح من كثرة البكاء
مرهقة بس
لاحت ابتسامة على وهو يقول متهكما
يتمنعن وهن الراغبات
التفتت اليه بسرعة واحمرت وجنتاها خجلا .. فنظر اليها بمرح قائلا
شكلك بيقول ان هيبقى فى خطوبة قريب
رسمت ابتسامه صغيره على وهى تدير وجهها لتنظر من الشباك بجوارها .. فضحك كريم ضحكة خافته وهو يقول
طيب مش نفرح الراجل اللى نايم فى المستشفى ده
التفتت تنظر اليه مبتسمة بخجل وهى تقول وقد بدا عليها الارتباك
دلوقتى
اتسعت ابتسامته وهو يقول
اللى أعرفه ان الواحد لما بيكون تعبان وبيسمع خبر حلو ده بيديله دفعه ان صحته تتحسن .. ايه رأيك نديله الدفعه ولا نأجلها لما يخرج
اتسعت ابتسامتها بينما لمعت عيناها قائله
خلاص ماشى
أطلق ضحكة أخرى .. وعبثت أصابعه فى شاشة هاتفه ثم وضع الهاتف فوق أذنه .. سمعته يقول
السلام عليكم . .أيوة يا دكتور .. كنت عايز أبشرك بحاجة كدة فى وسط المآسى اللى انت فيها دى
ثم الټفت كريم ينظر الى آيات التى تبتسم بخجل .. ثم قال
منتظرينك ان شاء الله ام تقوم بالسلامة انت والست الوالدة عندنا فى البيت
هب آدم جالسا فى ه .. حتى كاد المحلول المعلق أن يقع أرضا .. هتف بلهفه
يعني