ادم
.. أنا لما قررت أرجع مصر قررت أرجع عشان أعمل حاجة أفيد بيها البلد دى .. والناس اللى فيها .. حتى لو كانت حاجه بسيطة .. بس أهم حاجة عندى انها تقربنى من ربنا مش بتعدنى عنه .. حبيت فكرة القرية لانها فكرة دعوية ممتازة وهقدر أخدم بيها ديني .. أنا محتسب فى المشروع ده حاجات كتير أوى .. منها انى أبين للناس ان مش عشان الواحد يتفسح ويرفه عن نفسه انه يلجأ لحاجات مش هينوبه منها غير المعاصى والذنوب .. لا احنا ممكن نعيش ونتمتع ونتفسح ونعمل كل اللى احنا عايزينه بس برضا ربنا علينا ومن غير ما نغضبه .. ربنا لما حرم كل المحرمات اللى فى ديننا حرمها عشان بتضرنا وبتأذينا .. وعشان نجاتنا فى البعد عنها .. ومش معنى اننا نلتزم بكلام ربنا يبأه احنا ناس مكلكعة ومعقدة ومبتعرفش تضحك ولا تستمتع بحياتها .. لأ .. احنا بنعرف نعمل كل ده من غير ما نغضب ربنا .. أنا عايز بجد الناس كلها تعرف ان مش عشان أكسب فلوس وأزود دخلى ألجأ للى يغضب ربنا وأقول مضطر عشان أعيش .. لا مفيش حد مضطر على الحړام .. مفيش حد بيترك شئ لله الا وربنا بيعوضه باللى أحسن منه .. عشان كده أنا ميهمنيش كسبت كام أد ما يهمنى انى معملش أى حاجة غلط .. وأنا زى ما قولتك التمست فيك انك شاب محترم .. صحيح لسه متعرفين من ساعات بس أنا اتعاملت مع ناس كتير أوى جوه مصر وبره مصر وبقيت أقدر أفهم الانسان اللى أدامى من نظرة .. عشان كده رفعت التكليف بينى وبينك لانى حابب اننا نعين بعض .. يعني لو شوفتنى فى مرة غلطت تقولى حاسب يا كريم خلى بالك .. لان الانسان دايما لازم يحيط نفسه بصحبة صالحة لان هو ده اللى بيقومه لما بيحيد عن الطريق وربنا عز وجل حثنا على ده فى سورة الكهف لما قال واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا .. وضح فى الآية دى أهمية الصحبة الصالحة وحذرنا من صحبة السوء .. عشان كده لما لقيت سمتك طيب .. واهتميت واحنا بنعمل جولة فى القرية انك تسألنى عن تفاصيل الشغل والاختلاط فى القرية .. ولما العصر أذن وسألتنى عن مكان المسجد .. ودلوقتى وانتى بتبص على المنيو بتدور هل فيها حاجة حرام ولا لأ .. استبشرت خيرا وحسيت انك بجد هتكون خير معين ليا ان شاء الله ..
بجد أنا مبسوط انى اتعرفت عليك
ابتسم على وقال بتأثر
أنا اللى مبسوط انى عرفتك يا كريم .. ويارب فعلا أكون عند حسن ظنك
أنهى آدم صلاة العشاء ثم نهض وطوى سجادة الصلاة ووضعها على أحد المقاعد .. خرج من غرفته وتوجه الى والدته الجالسه فى حجرة المعيشة تشاهد التلفاز وقال
أنا خارج شوية يا ماما
خرج آدم من الشاليه .. وتطلع الى اتجاه البحر للحظات ثم سار اليه سيرا فى تؤدة .. وقف أمامه ينظر الى ارتفاع امواجه وقد وضع يديه فى جيبي بنطاله .. كان بدو ساكنا كالتمثال .. ثم ما لبثت عيناه أن لمعت بالدموع .. أخذ نفسا عميقا يحاول به التخفيف من حرارة النيران المشټعلة بقلبه .. تمتم ب وكأنه يتحدث الى شخص أمامه
تساقطت عبرة على وجنته وأكمل هامسا
كان نفسى أفرحك وأقولك انى اتغيرت .. كان نفسى نرجع لبعض تانى .. أنا كنت عايش فى ڼار .. الڼار كانت محوطانى من كل نحيه .. بس مكنتش عايز أخرج منها .. كنت واقف وسطها بمزاجى.. وانتى كنتى عامله زى النسمة الهادية اللى دخلت حياتى واللى ڠصب عنى اتمنيت انى أخرج من الڼار وأقرب منها
رحتلك الشاليه خالتى قالتلى انك خرجت .. وأنا راجع شوفتك وانت واقف أدام البحر
أومأ آدم برأسه فى صمت .. تنهد زياد بحزن وقال
انسى بأه يا آدم .. ربنا يرحمها
لمعت عيناه مرة أخرى بالعبرات وهو قول بصوت مرتجف
الټفت ينظر الى زياد والدموع تتساقط مرة أخرى على وجهه وقال
لما جيت هنا جيت بمزاجى .. كانت بتوحشنى بس على الأقل كنت عارف انها موجودة .. انى هرجعلها .. كنت حاسس من جوايا انى هلف ألف وأرجعلها .. بس دلوقتى هى معدتش موجودة يا زياد .. معدتش أقدر أرجعلها .. بجد وحشانى أوى .. وحشتنى ابتسامتها .. وحشتنى نظرة عنيها .. وحشتنى رقتها .. وحشتنى طيبتها .. كانت طيبة أوى .. كانت بتحبنى أوى
يوم كتب الكتاب لما كنت ماسك ايدها اتمنيت ساعتها اننا منفترقش أبدا .. ساعتها حسيت انى بحبها بجد .. لما قولتلها ان فى حاجات فيها محتاجه تتغير .. بصتلى وابتسمت ووافقتنى على طول .. لما ادتنى دهبها حسيت انها مستعدة تعمل أى حاجة عشانى .. حسيت انها بتحبنى بجد بصدق بإخلاص .. رغم كل الشړ والحقد اللى كان جوايا لكنها قدرت تدخل قلبي وتبرجلى عقلى .. لو كنت فضلت معاها كنت هقدر أرجع معاها تانى انسان محترم وكنت هنسى كل الأفكار الحقېرة اللى كنت بفكر فيها ..
هتف به زياد وقال
آدم انت بټعذب نفسك بنفسك .. خلاص هى الله يرحمها ماټت ومش هترجع .. انسى بأه عشان تقدر تكمل حياتك ..
نظر اليه آدم بأعين متألمه حائرة وقال
قولى ازاى .. قولى أنساها ازاى .. أزاى أبطل أحس انها وحشانى .. ازاى أخرجها من قلبي وعقلى .. قولى يا زياد .. قولى وريحنى لانى فعلا نفسى أرتاح .. ازاى أبطل أحس انها وحشانى
لم ينتظر من زياد اجابه .. الټفت وغادر المكان أخذ نفسا عميقا مرة أخرى يحاول به تهدئه نيرانه .. لكن هيهات
وقفت آيات فى شرفة غرفتها .. أخذت نفسا عميقا تنعش به رئتيها .. نظرت الى دوران القمر واكتماله .. ثم التفتت تنظر الى البحر أمامها .. تأملته الى أن شعرت بوخز الدموع ټحرق عينها .. خرجت من تاملها لتحاول السيطرة على تلك الرغبة القوية فى البكاء التى اجتاحتها .. سألت نفسها ما هذه الغصة التى تشعرين بها فى حلقك يا آيات .. انها بالتأكيد لفقدك والدك الحبيب .. وحلمية الطيبة المخلصة .. ارحمهما يا الهى واغفر لهما وتجاوز عنهما .. تألمت كثيرا لفقدهما لكنها حكمتك .. هكذا أردت .. وهكذا حكمت .. تنهدت بقوة ودخلت من الشرفة .. مرت على أسماء النائمة فى ها المجاور .. ثم خرجت من الغرفة .. نظرت الى غرفة إيمان وتوجهت اليها .. وجدتها واقفة تصلى ماسكة مصحفها .. كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل .. شعرت براحة وسکينة وهى تراها تصلى قيام لله عز وجل .. أنهت إيمان صلاتها فى تلك اللحظة لتفاجئ ب آيات الواقفة على باب الغرفة .. تقدمت منها
آيات وقالت
ما شاء الله إيمان انتى بتصلى قيام على طول
قالت إيمان مبتسمه
لا بصراحة مش على طول .. فى أيام مبصليش فيها قيام .. نفسى أواظب أوى
قالت آيات وهى تنر اليها بإعجاب
ما شاء الله عليكي .. تعرفى أنا مصلتش قيام خالص .. مصلتوش غير مرتين تلاته بس
قالت إيمان بحماس
ليه يا آيات .. على فكرة هتحسى براحة عجيبة وانت بتصلى قيام .. كفاية انك تعرفى ان ربنا سبحانه وتعالى بيتنزل الى السماء الدنيا فى التلت الأخير من الليل وبي الدعاء فى الوقت ده
استشعرت آيات تلك الكلمات بقلبها فأكملت إيمان بنفس الحماس
ربنا سبحانه وتعالى بيقول أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا .. وكمان بيقول أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب .. وكمان بيقول إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون .. وفى آيات كتير أوى بتحث على قيام الليل .. كان النبي صلى الله عليه وسلم بيصلى قيام الليل لحد ما رجله تتورم .. فسألوا النبي ليه بيصلى كده رغم انه ربا غفرله ما تقدم وما تأخر من ذنبه فرد وقال أفلا أكون عبدا شكورا .. تعرفى كمان ان أمنا عائشه رضى الله عنها قالت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع قيام الليل وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدا .. تخيلى ده النبي اللى ربنا غفرله كل ذنوبه .. ما بالك احنا بأه بذنوبنا دى وبأعمالنا دى مش احنا برده أحوج لقيام الليل من النبي صلى الله عيه وسلم
قالت آيات بتأثر
أكيد .. ده احنا عندنا بلاوى مش ذنوب .. على الأقل بتكلم عن نفسى
قالت إيمان
تعرفى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرا إلا أعطاه إياه وهي كل ليلة .. يعني كل ليلة فى ساعة لو دعيتي فيها ربنا يستجيب لدعائك .. تخيلى باه واحنا بنام ونسيب الساعة دى تضيع مننا
عقد آيات ما بين حاجبيها وقالت
يااه ده احنا مقصرين أوى
نظرت اليها إيمان قائله
أنا كنت زيك كده يا آيات وأمر منك كمان .. بس على أخويا ربنا يكرمه كان بيفضل يزن عليا ويتكلم معايا لحد مرة ورا مرة