ادم
آيات فى دفترها
محلتش نظرى كويس .. الشفوى هيفيدنى بإيه
قالت أسماء
يا ستى متعرفيش ما فى ناس مبتبقاش حله حاجة وبتلاقيهم بينجحوا .. وان شاء الله تنجحى
سارت آيات مع أسماء للبحث عن لجنة الشفوى .. انتظرتا قليلا مع الطلبة فى الخارج حتى استطاعتا الدخول للدكتور الذى سيقوم بإمتحانهما شفهيا .. جلستا أمامه ... قال الدكتور
قالت أسماء اسمها أما آيات فكتبته على ورقة وأعطتها له .. نظر اليها فى دهشة فقالت أسماء
معلش يا دكتور عندها مشاكل فى زورها فعشان كده هتكتب الإجابات فى ورقة
قال لها
ربنا يشفيكي يا بنتى
نظر الى اسمها ثم قال
لا انتى لجنتك مع دكتور آدم خطاب
تسارعت خفقات قلبها وهى تنظر الى أسماء بدهشة .. قالت أسماء
قال الدكتور
والله ده اللى دكتور آدم قالهولى .. الطالبه دى تمتحن شفوى عنده
نظرت الفتاتان الى بعضهما البعض ثم تمتمت أسماء
استنيني بره هخلص امتحان وأطلعلك
خرجت آيات ووقفت فى الخارج وعلامات الأسى على وجهها .. فجأة وجدت أحمد يقترب منها .. ووقف أمامها .. نظرت اليه آيات لترى نظرات الحزن فى عينيه .. بدأ حديثه قائلا
أومأت برأسها .. فشعر بالألم .. وقال لها
أنا عرفت اللى حصل .. محبتش أكلمك الفترة اللى فاتت .. حسيت انى مش هقدر أعملك حاجة ولا أخفف عنك .. بس النهاردة آخر يوم ومكنش ينفع يمر كده من غير ما أتكلم معاكى
توترت آيات فأكمل بأسى
انت متستهليش كده .. متستهليش كده أبدا
خانتها عبراتها لتتساقط فوق وجنتيها .. ظهرت علامات الألم على وجهه وهو يراها مټألمة هكذا دون أن يجد فى نفسه القدرة على التخفيف عنها .. على بعد خطوات وقف آدم ينظر اليهما .. ينظر الى آيات الباكية و أحمد الواقف أمامها يواسيها بكلماته نظراته .. شعر بغصة فى حلقة .. كان يجب أن يكون هو مكان أحمد الآن .. واقف مع آيات يتحدث معها .. سمع أحمد يقول لها
ثم كتب فى ورقة قائلا
دى أرقامى كلها .. لو احتجتى أى حاجة كلميني فى أى وقت
أعطاها الورقة وهو ينظر اليها بحنان قائلا
ماشى يا آيات
كانت تشعر بالإضطراب .. اخذت الورقة وأومأت برأسها .. شعر آدم بالڠضب بتجاه هذا ال أحمد .. ود لو ذهب اليه وصړخ فى وجهه .. ابتعد عنها .. ود لو صړخ فى وجه آيات .. القى بتلك الورقة فى وجهه .. لكنه يعلم جيدا أن كلا الأمرين لن يجنى منهما إلا إحراج نفسه فحسب .. انتبه أحمد لوجود آدم فنظر اليه بتحدى .. ثم الټفت الى آيات قائلا وهو يرفع صوته
نظرت اليه آيات بعتاب .. دخل آدم مكتبه وصفق الباب خلفه بقوة .. انتبهت آيات على صوت غلق الباب فالتفتت لترى مصدره .. فى تلك اللحظة خرجت أسماء وسلمت على أحمد ثم قالت
خلصت شفوى
قال أحمد
لا لسه .. هروح أمتحن وأرجعلكوا
جذبت أسماء آيات فى اتجاه مكتب آدم نظرت اليها آيات بحزن .. فقالت أسماء پحده
ظهر الألم على محياها فقالت أسماء بحنان
عارفه انه صعب بس حاولى تضغطى على نفسك .. عايزين نخلص من الكلية دى بأه
ظهرت العبرات فى عيني آيات ثم كتبت فى دفترها
مش قادرة يا أسماء .. لو شوفته هيعط تانى .. مش عايزاه يشوفنى ضعيفه وبعيط
كانت فى عينها نظرة تصميم ألا تحضر الإمتحان .. ألا تراه .. امتثلت أسماء لرغبتها مرغمة وقالت
طيب تعالى يلا ننزل زمان عمو مستنينا فى الكافيتيريا
انتظرها آدم .. دخل كل طلاب لجنته الا هى .. أرسل احدى الطالبات للبحث عنها فعادت تقول
البنات قالولى انها مشيت يا دكتور .. شكلها مش هتحضر الامتحان
ظهرت علامات الحزن على وجهه .. لقد أغلقت آيات كل الأبواب فى وجهه .. وهاهى تغلق آخر باب .. وآخر أمل .. فى أن يراها ويتحدث معها ويشرح لها .. شعر بالڠضب وبالضيق .. لماذا لا تعطيه فرصة الدفاع عن نفسه .. لماذا لا تستمع اليه .. لماذا تطرده خارج عالمها بلا شفقة أو رحمة .. لماذا لا تريد أن تفهم أنه ليس بهذا السوء .. ولكن ما الفائدة .. لن يفيد أى كلام ولا أى سؤال .. أيقن آدم فى تلك اللحظة أنه بالفعل خسر آيات .. خسرها للأبد
أنا آسفة يا طنط
قالت سمر ذلك بصوت مرتجف .. حائر .. مضطرب .. نعم تتمنى الموافقة .. تتمنى أن تكون من نصيب على .. لن تنكر أنها انجذبت اليه .. الى أخلاقه وتدينه وغيرته وطيبته .. لكنها خائڤة .. مازالت خائڤة .. مازالت لا تستطيع التغلب على خۏفها .. استخارت ربها .. مرات ومرات .. وقفت تناجيه فى جوف الليل ..لكنها مازالت خائڤة .. مازالت الخۏف يسيطر عليها ويشل تفكيرها .. لن تستطيع الإقدام على تلك الخطوة .. لا تشعر بأنها مستعدة لها بعد .. نعم رفضته .. رفضته وهى تتمنى الموافقة .
علم على .. حزن .. وصدم .. تحدث مع صديق طفولته قائلا بتهكم ممزوج بالألم
أكيد رفضتنى عشان مش قد المقام
ثم قال
أنا قولت لماما تقولها انى هدور على شغل تانى .. وانى لسه فى بداية الطريق
ثم تنهد بحسرة قائلا
أعمل ايه .. مش ذنبى ان حال البلد زى الزفت .. مش ذنبى ان مفيش فرص شغل .. مش ذنبى انى من أول ما اتخرجت مش عارف أشتغل شغلانه عدله أكون بيها نفسى .. أنا مش واحد صايع أنا اتعلمت وخدت شهادة بس للأسف مش عارف أشتغل بالشهادة اللى طفحت الډم عشان أخدها
قال صديقه مواسيا
ان شاء الله تلاقى شغلانه أحسن يا على
نهض على وهتف پغضب قائلا
امتى .. هلاقيها امتى .. بعد ما سمر تضيع من ايدي وتتجوز أول واحد جاهز يخبط على باب بيتها .. ولا امتى .. قولى امتى هعيش زى الناس وأبقى قادر أفتح بيت .. لما يبقى عندى 40 سنة !
الټفت على ليغادر فى عصبيه جذبه صديقه قائلا
على استنى بس رايح فين
صاح على پحده
رايح فى ستين داهية سيبنى .. بقولك سيبنى
سارعلى بأقصى سرعة وهو لا يدرى الى أين تأخذه قدماه .. كان يشعر ببركان ثائر بداخله .. بركان غاضب ناقم يريد أن يخرجه ليرتاح .. توقف بعدما تعب من المشى .. أخذ يلهث وهو ينظر حولها وجد مسجدا صغيرا فدخل وتوضأ وصلى .. بكت عيناه قلبه وهو يتضرع الى الله أن يفرج كربه وأن يفتح له أبواب الرزق
استيقظت أسماء من نومها على اصوات الصړاخ مرة أخرى .. جلست فى ها للحظات ثم ما لبثت أن نهضت وخرجت لتجد النقاش وقد احتد بين أبويها كالعادة .. قالت أسماء بضعف
حرام عليكوا بأه
هتفت والدتها پغضب
تعالى يا أسماء .. تعالى شوفى أبوكى المحترم عمل ايه
ثم نظرت اليها أمها قائله
أبوكى اتجوز يا أسماء
شهقت أسماء بقوة وهى تضع يديها على فمها وتنقل نظرها بين والدها ووالدتها فى عدم تصديق .. فصاح والدها متهكما متشفيا
أيوة اتجوزت .. وهجيبها تعيش معاكى هنا فى البيت عشان أذلك وأقهرك
صاحت زوجته پغضب
ومين قالك انى هعدلك هنا .. أنا ماشية رايحة أعد فى بيت بابا ولو مطلقتنيش هرفع عليك قضية خلع وهبهدلك فى المحاكم
صاحت أسماء باكية وهى تنظر الى تنظر الى والدتها برجاء
لا أرجوكى متقوليش كده عشان خاطرى متقوليش كده .. مش هقدر أتحمل يا ماما .. متسيبوش بعض
قالت أمها
احنا أصلا كان لازم ناخد الخطوة دى من زمان
ثم نظرت الى زوجها بتحدى قائله
لو مطلقتنيش هرفع عليك قضية خلع فاهم
ثم توجهت الى غرفتها تحضر حقيبة ملابسها .. صاح زوجها بسخرية
اعلى ما فى خيلك اركبها مش هطلق وهسيبك كده لحد ما ترجعى تبوسى جذمتى عشان أفتحلك باب الشقة
شعرت أسماء وكأن الأرض
تميد بها .. نعم انها تميد بالفعل .. جلست على أحد المقاعد ودفنت وجهها بين كفيها لټنفجر فى بكاء حار
نظر آدم حوله ليتأكد بأنه جمع كل أغراضه .. أخرج الحقائب أمام باب البيت .. ثم دخل وطرق باب غرفة والدته .. فتحها ليجدها جالسه على ها تبكى بحړقة .. اقترب منها وهو ينظر اليها بأسى .. جلس بجوارها .. صمت قليلا ثم قال دون أن ينظر اليها
أنا مضطر يا ماما .. مضطر عشان أقدر أقف على رجلى تانى
قالت له بصوتها الباكى
اعمل اللى يريحك يا آدم
الټفت اليها قائلا
ماما أنا فعلا مضطر أسافر .. بس متقلقيش هظبط وضعى هناك وبعدين هاجى أخدك
قالت أمه باكية
اعمل اللى فيه صالحك يا آدم ومتشلش همى يا ابنى
تنهد آدم پألم وهو يشعر بالتمزق بين مشاعره ورغباته وطموحاته .. نهض متثاقلا .. التفتت أمه تنظر اليه بأعين دامعه .. انحنى و رأسها ثم غادر سريعا .. حمل حقائبه وألقى نظرة أخيرة على البيت ثم خرج وأغلق الباب خلفه .. انخرطت والدته فى بكاء مرير وتعالت شهقات بكائها وهى تضم احدى صوره الى صدرها
تعانق الصديقان طويلا .. ثم نظر زياد الى آدم قائلا
فكرت كويس
قال آدم
أيوة يا زياد فكرت كويس
ثم سأله قائلا
هترجع شرم امتى
قال زياد
بكرة ان شاء الله
تعانقا مرة أخرى وقال زياد أن ينصرف
خلى بالك من نفسك يا آدم
ربت آدم على كتفه قائلا
وانت كمان يا زياد
ركب آدم سيارته .. لكنه شعر بأنه يرغب فى توديع شخص ما ذهابه .. أوقف سيارته أمام الفيلا .. وهو ينظر اليها .. يأمل أن يرى آيات .. يأمل أن يلقى عليها نظرة أخيرة .. يأمل أن يخبرها بأنه راحل .. سيترك القاهرة ويرحل يبنى نفسه فى مكان آخر .. يأمل أن يعتذر اليها .. ويطلب صفحها .. يأمل أن يطمئن عليها .. وأن يرى ابتسامتها على وجهها ليخف شعوره بالذنب تجاهها .. وقف طويلا دون أن يظهر لها أى أثر .. أدار سيارته وانطلق فى طريقه الى العين الساخنة .. لتحقيق أحلامه وطموحاته .. ليعود آدم خطاب كما كان .. ليبنى كل شئ من العدم .. ليعود قويا ذو سلطة ومال .. خسر آيات ويتألم لخسارتها .. لكنه سيحاول تحقيق أحلامه .. ليخفف شعوره بالخسارة ..