روايه صرخه عالطريق
انت في الصفحة 1 من 30 صفحات
الفصل الأول
تراقصت في الظلمة أضواء الشموع المتناثرة على وجه كعكة عيد الميلاد ليصدح الغناء من حناجر المدعوين والتصفيق المنغم مرددين أغنية ما شهيرة لتنتهي بصاحبها ينفث بالشموع ليطفئها ثم اشټعل التصفيق وسطعت الأضواء مجدد ليتلقى رائف نجم الحفل الصغير الهدايا من عائلته ورفاقه
كل سنة وانت طيب ياحبيب ماما
وانت طيب يا آبيه
تولت إلهام تقطيع القالب ومنحت الجميع حصتهم ثم انتبهت أنها لم تعطي أبنها الأكبر حصته فتوجهت إليه بطبقه قائلة معلش يا حبيبي نسيت اديك طبق الجاتوه بتاعك
رمق قطعة الحلوي البيضاء بخيبة أمل ثم قال شكرا يا ماما انتي عارفة حساسية الألبان تمنعني أدوقه
أومأ لها بمسحة حزن عادي يا ماما يمكن عشان بنتقابل كل فترة بحكم سفرك انتي وبابا عموما أنا هشرب عصير فريش
فحاولت إصلاح الموقف بقولها طيب لحظة اجيبلك أنا العصير بنفسي
أسرع بقوله لا لا شكرا يا ماما بعد شوية هشرب
ابتعدت تتفقد الضيوف فتنحى جسار بعيدا نحو الشرفة وعين أخري تابعت ما حدث بضيق وسرعان ما توجه خلفه ليهون عليه الأمر فهو خير من يعلم أثر موقف گهذا علي صغيره
شخصت عيناه وهو ينظر للسماء وأسئلة لا تنتهي يدوي صوتها بعقله لما دائما كل تفاصيله تسقط من ذاكرة والدته حتى لو كانت تخص صحته ذاتها بينما في المقابل لا تهمل أي شيء يخص أخيه الأصغر رائف ما الذي تبقى إذ لم تهتم والدته لما يؤذي صحته
جدو نادر حبيبك بنفسه جابلك العصير بتاعك
الټفت سريعا لجده مبتسما تعبت نفسك ياجدي شكرا
ربت على ظهره بحنانه المعهود وقال تعبك راحة يا جسار يا ابني على فكرة مش عايزك تزعل من ماما انت عارف انها بتنسي كتير
عادي ياجدي مازعلتش
خلاص اشرب العصير الفريش ده بدون سكر
تسلم ايدك يا حبيبي
ارتشف القليل ثم قال هو بابا وماما واخويا امتى هيبطلوا يسافروا ويسيبونا ياجدي
شخصت عين الجد مع قوله الهامس كأنه يحدث نفسه لحد ما ربنا يريد ليهم الاستقرار يا ابني
قال بتمني كشف بعض معاناته بس انا نفسي يفضلوا هنا أنا حاسس ان سفرهم وبعدي عنهم خلي بنا مسافة كبيرة أوي واهو حضرتك شوفت ازاي ماما نسيت حتى الحساسية اللي عندي من الألبان
ابتسم دون حماس ربنا يسهل يا جدي أوعدك إن شاء الله أنجح السنادي عشان خاطرك
حدثه بحنان ربنا يباركلي فيك يا حبيبي يلا تعالى اقف جنب اخوك رائف واتبسط معاه
حاضر
بعد مرور ست سنوات
بضجر راح جسار ينفذ غليونه وهو ينصت لثرثرة رفاقه التافهين عن قصصهم مع الفتايات التي يرافقوهم وبدأ يشعر بالضيق يحتل كيانه كل القصص معهن واحدة وتتشابه حد الملل ورغم انتقاده لمن يجلس معهم الأن هو ذاته ركن أساسي في عالمهم التافة الفارغ هذا تضاد غريب ككل شيء يحياه منذ مولده أنا ماشي قالها بعد أن أطفأ سېجاره مغادرا كافيتريا الجامعة لمكان أخر متجاهلا نداء رفاقه ليعود لكن يبدو أنهم اعتادوا طباعه هذه فمكثوا مواصلين ثرثرتهم غير عابئين برحيله المفاجيء گعهده
بعين تنضح منها الخيبة همست الفتاة لأخرى
محدش بيحب يعذب نفسه يا بنت عمي
اقتربت أبنة العم
الټفت إليها الأولى بحدة عمرك ما هتفهميني ابدا أنا في
وادي وانتي في وادي
تحدتها الثانية بثبات وانتي مفيش حاجة هتضيعك غير قلبك يا بنت عمي عن أذنك
غادرتها وبرأسها لمعت فكرة ما
وقررت تنفيذها دون انتظار فإن كانت تلك الحمقاء منساقة وراء مشاعرها ولا ترى حقيقة ذاك الشاب
هي عيناها مثل الصقر وستفعل ما تراه صوابا
جالت بعيناها كل الزوايا تنقب عنه بعد علمها من رفاقه أنه غادرهم لتوه وها هو يجلس وحيدا في زاوية ما اقتربت منه بمسافة مناسبة وبثبات ألقت سؤالها مباشرا
أنت جسار السماحي
وجودهن في محيطه طيلة الوقت! تبا
حتما هي واحدة ممن يلاحقونه!
أما هي فلم تفسر عزوف الرد عليها والنظره نحوها سوى بالإهانة الصريحة وصار يستحق منها ردا مناسب لفعلته!
كان لازم أضيف على صفاتك قلة الذوق
هنا فقط أدار لها وجهه بحاجبان معقودان وبوادر غضبه
الوشيكة تبرز مضيقا حدقتاه راح يقيمها بنظرة ثاقبة شملت هيئتها شديدة البساطة ترتدي قطعتين فقط! بنطال جينز ثلجي اللون وكنزة خضراء يصل طولها للركبة وحجاب يضم اللونين معا لا تضع اصباغا تجمل ملامحها فتاة عادية جدا لا ترتقي لأقل واحدة من صديقاته بعد فراغه من تفحصها رمقها أخيرا باستهزاء ثم استدار عنها كما كان ملتقطا واحدة أخرى من سجائره مشرعا بإشعالها بقداحته
هتفت بتهكم مبطن مبتلعة إهانته التي توقعتها
ممكن أخد من وقتك السمين دقايق أتكلم معاك!
أدرك تهكمها بشأن وقته الثمين فأجاب ببرود دون أن يلتفت ولأنه سمين مابضيعوش على الفاضي!
صاحت بنفس نبرتها الساخرة أه طبعا عارفة بس هما كلمتين أسمعهم وأكيد مش هتشوفني تاني!
وواصلت مباشرا تلقي ما لديها أبعد عن سارة!
مازال يعطيها ظهره دون تهذيب وقطب حاجبيه علامة تفكيره بمن ذكرتها متساءلا عن علاقتها بسارة لتواصل بذات السخرية بعد أن طال صمته طبعا الأسم ممكن يكون متكرر في قايمة علاقاتك الدسمة ومش فاكره عشان كده هوضحلك بتكلم عن مين أنا أقصد سارة الرشيدي!
أستدار بكلتيه هذه المرة يطالعها ثانيا وقد تحفزت رغبة مبهمة لديه ليعيد تقيمها من جديد هي ليست جميلة ولا قبيحة أيضا لكن شيئا لا يستطيع تحديده يميزها ربما قوة صوتها البعيد كل البعد عن الرقة گ مظهرها العام الخشن كأنها تتعمد أن تطمس معالم أنوثتها لتحصن نفسها أمام جنسه بنظرة صقرية تفحص عيناها السوداء التي لم تكتحل بمسحة انبهار لوسامته كما اعتاد في عيون الأخريات تعجب من ثقتها وقسۏتها المنعكستين من حدقتيها المصوبين إليه بثبات لا تخجل أو تخافه من هي! ولما تحادثه بعدوانية هكذا وكيف لم يشاهدها من قبل بمحيطه
وهو لا تفوته شاردة ولا واردة من جنسهن!
أنتي تعرفيني منين وعلاقتك أيه بسارة
قالت بغرور اللي عارفاه الكل عارفه عنك مش مستحق اذكره واضيع وقتي ومايخصكش علاقتي بسارة أيه! أما عايزة أيه! ده بس اللي هجاوبه!
برقت عينه وهو ينظر لها وشعر بحدسه أنه بصدد شيء مثير وغريب مع تلك الڼارية ربما تحتاج حياته الرتيبة واحدة مثلها لوهلة شعر باهتزاز مقلتيها وهي تنظر له تري هل تأثرت به گ غيرها هنا مالت شفتيه بابتسامة واثقة وهو يوليها كل اهتمامه منصتا لما تقوله عايزاك تتقي الله وتبعد عن سارة أبطل تأثيرك و سحرك المزعوم عليها وابعدها عنك زي ما قربتها منك هي بالنسبالك مش هتفرق مجرد أسم هينقص من قايمة نز اتك وتقدر بسهولة تعوضها بعشرة غيرها سيبها واسحب شبكتك وارميها في بحر تاني لأني مش هسمحلك تخليها مجرد صيدة جديدة!
تخسري قلبك فوقي ركزي في مستقبلك انتي مش داخلة الكلية عشان تحبي
وايه المشكلة يعني لو حبيبت
المشكلة في أختيارك الغلط ده
وعرفتي منين وانتي مش في كليتي
يا سلام تفتكري مقدرش اعرف لو
عايزة وأصلا صيته الهلس مسمع لحد عندي
نفذ صبرها وهي تلوح محذرة اسمعي ياشمس وهقولها لأخر مرة بلاش تتدخلي في أموري الشخصية لأني مش صغيرة أنا قربت اخلص تانية جامعة وعارفة مصلحتي
رمقتها ببرود ثم التقطت حقيبتها للمغادرة قائلة ماشي ياكبيرة بس ماترجعيش تشتكي وتقولي كسر قلبي يا بنت عمي لأن بعد ما شوفته أنهاردة اتأكدت انه واد لعبي ومش تمام عن اذنك
وتركتها تزفر خلفها بضجر مهمهمة بكلمات ساخطة
رايحة فين يا شمس مش هتتغدي معانا
هكذا أوقفتها زوجة عمها لتقول
شكرا ياطنط صابرين همشي عشان خلاص مش طايقة اشوف بنتك دي قدامي
هزت العمة رأسها بتعجب أنا مش عارفة أنتي وسارة هتعقلوا امتى وتبطلوا خصام العيال بتاعكم ده أنتوا قربتوا تتخرجوا من الجامعة
قالت حانقة والله يا طنط قولي لبنتك اللي جوة دي انما انا عاقلة وزي الفل ثم أشارت لها مستطردة ابقي سلمي على عمو أمين
ماشي وانتي سلمي على مامتك جمانة
حاضر سلام
عبرت صابرين غرفة ابنتها وقالت هي بنت عمك مالها ماشية شايطة منك ليه يا سارة
لوحت بيديها دون اكتراث سيبك منها يا ماما دي بت معقدة أصلا قوليلي بابا جه
قرب يوصل
طب ممكن تخلي وردة تعملي فنجان قهوة عشان مصدعة أوي
لأ أما تتغدي الأول فطارك الصبح كان عبيط مش هنقضيها قهوة ونسكافيه
قاحت بحنق ماما على فكرة أنا ممكن اروح اعمل لنفسي القهوة بدال التحكم ده
رفعت حاحبيها بتحذير طب إياكي تعملي حاجة القهوة مش هتطير
زفرت بغيظ ووالدتها تغادر ثم ولجت شرفتها ومكثت تتطلع للأفق بشرود ما فعلته شمس رغما عنها وزيارتها لجسار جعلها تلوم ذاتها لكشف مشاعرها نحوه لم تكن تعلم أنها ستتهور وتذهب إليه وتضعها في هذا المأزق معه ربما هو يعلم بطبيعة عاطفتها نحوه و ربما لايدري ليست أكيدة لكن كل ما تدركه أنها عندما تراه تشعر براحة وطمأنينة غريبة نزوات جسار الحافلة مع الفتايات تعلمها جيدا ومع هذا يعاملها هي بطريقة مغايرة عنهن يضع بينهما حاجز غير مرئي لما لا يقترب منها مثلهن تقسم لو فعل لجعلته يعشقها كما تعشقه لكنه لا يقترب إلا بإطار صداقة حمقاء أي صداقة هذه وهي تكن له بقلبها حبا تقسم لم تمنحه له واحدة من فتاياته
بريق عيناها يشهد حين تراه كيف
يتألق لأجله وحده ألا يرى!
قطع استرسال أفكارها رسالة بهاتفها فتفقدتها لتجدها سؤال اطمئنان من زميلها أدم لعدم حضورها الجامعة ذاك الذي تعتبره من أفضل أصدقائها منذ دخولها الجامعة وغير غافلة عن مشاعره نحوها لكن ماذا تفعل وقلبها معلق بجسار تنهدت ونفضت عنها أفكارها وردت علي رسالته بكلمات مناسبة ثم ذهبت تتفقد عودة أبيها
اقحمه بالسيارة كاتما ضحكته واستدار أخذا مقعده خلف المقود ليوصل هذا البائس لبيته!
أنا عارف انك فرحان فيا يا أشرف وهوريك بس عيني تخف ثم غمغم بسخط والله ما هسيبك يا أنثى ال وأطلق سباب بذيء
قهقهة أشرف فما عاد له سيطرة على كتم ضحكه وهو يقول حرام عليك تقول عليها كده
أسكت انت مش ناقصك عيوني مولعة الله يحرقها حاسس
كأنها
رمت عليه